حكاية صالون!!!

فى احد محلات الاثاث الكبرى فى مدينة دمياط وقف صاحب المحل ينظر الى ذلك الصالون الاخضر المذهب منتظرا ان ياتى المشترى ليستلم الصالون المتفق عليه و ليستكمل دفع ثمنه .
و قجاة ظهرت فتاة معها امها و اخيها و حيوه و جلسوا ,
اعطت الفتاة صاحب المحل باقى المبلغ المتنفق عليه ليحرر لها وصلا بالصالون :
الاسم : عزة حامد خليل
خالص مع الشكر

الف مبروك يا مودموزيل عزة
و حمل الصالون على االسيارة النقل لينتقل لاول مرة فى حياته . ليوضع فى شقة صغيرة فى مدينة نصر .
جلس الصالون وحده فى الشقة حتى اتت تلك الفتاة الرشيقة مع والدتها لتوضع بجانبها غرفة سفرة اخرى انيقة .
و لياتى بالتوالى غرفة للمعيشة و غرفة نوم رائعة .
و بعد عدة اسابيع و بعد اكتمال الشقة . فى شقة فى مصر الجديدة كانت تنطلق الزغاريد فقد كانت تلك الليلة هى ليلة كتب كتاب الانسة عزة حامد على المهندس محمد النجدى . و لتجد كل الجيران و الاصدقاء فى المنزل ليشاركوا العروسين ليلة كتب كتابهم
كانت العروس مرتدية فستان ابيض نهارى مع القليل من المكياج و الزينة اظهرت جمالها اكثر و اكثر .
و كان العريس يرتدى بدلة بيضاء هو ايضا لتكون سهرة للصباح مليئة بالضحك و الفرح و ليتم بعدها باسبوع حفل الزفاف فى احد االنوادى التابعة للجيش . و ليذهب الزوجان الجديدان الى شقتهما لاول مرة ليجد الصالون اخيرا من يجلس عليه . و لكن سرعان ما يترك الصالون وحده ليطير العروسان الى فندق سان استيفانو فى الاسكندرية لقضاء شهر العسل ...... او ل 5 ايام عسل .
فى اليوم الخامس اتصل حمى العروس بابنه ليخبره بوصول معلومات مؤكدة عن افلاس شركة الاموال الشهيرة النى تضع بها زوجة ابنه ميراثها و لينزل العروسان الى القاهرة ليسحبا المال خوفا عليه من الضياع مع ان العروس قد اعادت المال الى نفس الشركة بعدها بفترة قصيرة لتشهر الشركة افلاسها بعدها باسابيع .
فى الطريق من الاسكندرية جلست تفكر فى انها اصبحت زوجة و اصبح لديها عائلة و جلست تتذكر تفاصيل الزواج .
انه كان زواج صالونات بلا شك فقد كان محمد اخو صديق اخيها و كانت والدته كثيرا ما تتردد على منزلهم كما كانت والدتها تتردد على منزلها .
و فى يوم رات والدة محمد عزة و سالت ان كانت مخطوبة لتجد الاجابة بالنفى فتطلب من والدة عزة صورة لعزة تبعثها الى ابنها فى الامارات , و بالفعل احضرت قدرية هانم صورة لعزة فى عيد ميلادها وسط صديقاتها لتعطيها لكاريمان هانم لتاخد كاريمان هانم قلما و ترسم دائرة حول راس عزة و تكتب بجانبها العروسة .
فى الزيارة القادمة احضرت كاريمان صورة لابنها المقيم فى الامارات لتريها لقدرية هانم , و لكن بعد ذلك هدأت الاحوال و سكتت الاخبار .
لبعدها بفترة تتصل كاريمان هانم بمنزل قدرية هانم لتحدد موعد للزيارة الودية .
تين تين ....... فتح الباب لتدخل كاريمان هانم و معها ابنها و تراه عزة عن طريق المرأة و هو يدخل الصالون .
زيارة تلو زيارة . جاءت الزيارة الرسمية لطلب الزواج و ليكون الجواب بالموافقة . و ليجد عريس المستقبل طلبات العروس غاية فى الواقعية و الاتزان .
و بعد عدة اسابيع تمت الخطوبة فى احد قاعات النوادى التابعة للجيش فقد كان والد عزة الراحل فى الجيش سابقا قبل ان ينتقل للعمل فى راسة الجمهورية .
كانت عزة مثالا فى القناعة و الرضا و الاعتداد بالنفس و كان محمد مثالا للاخلاق و الادب و العطاء حتى فى اختيار الاثاث لم يختلفوا حتى و ان اختلفت اذواقهم , و قع الاختيار على الصالون الاخضر
و بعد اقل من سنة خطوبة تم الزواج و بعد سنة زواج تتابع الزوار فى الجلوس على الصالون الاخضر يوما بعد يوم مهنئين الزوجين بميلاد اول طفل احمد الشهير فى فترة الطفولة بالخواجة .
ولكن سرعان ما اصبح الصالون وحيدا مرة اخرى عندما قرر الزوجين السفر الى السعودية للعمل ليهجر الصالون ثمانى سنين لا يقطعهم الا الزيارات القصيرة بين الفينة و الاخرى . و ليرزق الزوجين فى سنين الغربة بثلاثة اطفال هو افنان و ايمن و اكرم على الترتيب .
و يعودا بعد ذلك و عمر اكرم لا يتعدى السنة و نصف .
عادا الى شقتهم الصغيرة التى رضيا الاثنان بها مكانا لبدأ حياتهم و لكن سرعان ما انتقلا الى مدينة العاشر من رمضان هربا من الزحام و من اخلاق العاصمة التى نادرا ما يمكن للاهل فى ظلها ان يتمكنا من تاسيس اولادهم بطريقة صحية
انتقلا من شقة مدينة نصر الصغيرة الى فيلا جميلة فى المدينة الجديدة و لينتقلوا من فيلا اخرى و ينتقل معهم الصالون الاخضر
لتواجههم مصاعب جديدة غير التى تغلبوا عليها . و ليتغلبوا عليها ايضا بحكمة الزوج و عمله و برضا الزوجة و حسن التدبير و التفكير . فلم تتخلى عن زوجها فى المحن و لم تجعى انها ليست مسؤولة عن الحل بل و كانت احيانا تبيع من مجوهراتها حلا للازمات . و لطالما حفظ لها زوجها ذلك و عاملها معاملة حسنة تليق بها و به .
اعتقد انكم عرفتم من هم الزوجين السعيدين :
انهم ابى و امى
الزوجين المتفاهمين العاقلين
نتاج التربية المثقفة المتأنية الصالحة لينتجوا ابناءا بنفس القيم و الاخلاق
الطالما لم اقتنع بزواج الصالونات القائم على معارف الاهل و لكنى دائما ما اقف عند ابى و امى مشدوها معجبا محترما .
فى رأيى انهم ليسوا حالة استثنائية عن زواج الصالونات و لكنهم حالة استثنائية عن التربية و العقل و الاخلاق و التحمل و الصبر و الرضا بما كتبه الله .
دائما ما كانت امى تجلعنى اصلى معها و دائما ما كان ابى يحاسبنى عما اذا كنت قد صليت ام لا .
لطالما كانت امى تعلمنا الدين و الفقه و لطالما كان ابى هو مثال الدين و الشرف فهو الرجل الذى رفض رغم كل الاغراءات ان تمتد يده على قرشا من حرام و كم كانت القروش الحرام من حوله كثيرة و كم كانت الملايين .
و امى كانت ذات اخلاق لا تغش و لا تكذب ولا تخدع مع ان ذلك كان قد يفيدها كثيرا .
لم اجد يوما ابى و امى يتشاجران امامنا و مع كل الضغوطات حولهما كانا اذا اخطأ احدهم يمتصه الاخر ليعاتبه بعد ذلك بينه و بينه .
سافر ابى منذ سنتان الى السعودية ليترك لامى حمل تربيتنا و الاشراف عليها لتقف صامدة تفعل ما عليها و اكثر و تحاول بكل جهدها ان تسعد الجميع .
انهما زوجان حددا هدفهما منذ لحظة زواجهما انشاء اسرة متزنة عاقلة و تامين مستقبل اولادهم و لطالما كلفهم تامين مستقبلنا جهد و تعب و حرمان من كثير من الاشياء التى يريدونها .

منذ ان تزوج ابى و امى فى 29-10-1986 حتى اليوم 29-10-2010 و هما يكرسان حياتهما لنا و لاسعادنا ولاسعاد الاخر .
اليوم تحل الذكرى الرابعة و العشرون على زفاف ابى و امى ولكن فى قلبيهما مازلا عروسين
مازالا يحتفظان بحبهما و احترامهما و تافهمهما و حياتهم الزوجية , و مازلا يحتفظان ايضا............ بالصالون الاخضر

كل سنة و انا عندى احلى اب و ام فى الدنيا